كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: بَلْ لَا يَحِلُّ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: الْآتِي بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ إلَخْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْحِلِّ هُنَا حَيْثُ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ، وَلَمْ يُظَنَّ وُجُودُهَا بِقَرِينَةٍ سَيِّدُ عُمَرَ، وَفِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَارَنَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَلَابُدَّ مِنْ كَوْنِ التَّذْفِيفِ مُتَمَحِّضًا بِذَلِكَ فَلَوْ أَخَذَ فِي قَطْعِهِمَا، وَأَخَّرَ فِي نَزْعِ الْحَشْوَةِ، أَوْ نَخَسَ الْخَاصِرَةَ لَمْ يَحِلَّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ ظَنِّ وُجُودِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِوُجُودِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ، بَلْ يَكْفِي الظَّنُّ بِوُجُودِهَا بِقَرِينَةٍ، وَلَوْ عُرِفَتْ بِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ، أَوْ انْفِجَارِ الدَّمِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ فَلَوْ وَصَلَ بِجَرْحٍ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، وَفِيهِ شِدَّةُ الْحَرَكَةِ ثُمَّ ذُبِحَ لَمْ يَحِلَّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ عِنْدَ الذَّبْحِ تَارَةً تُتَيَقَّنُ، وَتَارَةً تُظَنُّ بِعَلَامَاتٍ، وَقَرَائِنَ، فَإِنْ شَكَكْنَا فِي اسْتِقْرَارِهَا حَرُمَ لِلشَّكِّ، وَتَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ. اهـ.
وَفِي ع ش بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهَا عَنْ الرَّوْضِ، وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا وَصَلَ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، وَلَيْسَ فِيهِ تِلْكَ الْحَرَكَةُ، ثُمَّ ذُبِحَ فَاشْتَدَّتْ حَرَكَتُهَا، أَوْ انْفَجَرَ دَمُهَا، فَيَحِلُّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ انْتَهَى إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَإِلَّا فَلَا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ سَبَبُهُ إلَخْ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ، وَإِنْ مَرِضَ، أَوْ جَاعَ فَذَبَحَهُ، وَقَدْ صَارَ آخِرَ رَمَقٍ حَلَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يُحَالُ الْهَلَاكُ عَلَيْهِ، وَلَوْ مَرِضَ بِأَكْلِ نَبَاتٍ مُضِرٍّ حَتَّى صَارَ آخِرَ رَمَقٍ كَانَ سَبَبًا لِلْهَلَاكِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَحِلَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي مَرَّةً، وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْهِ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى، وَإِنْ جَرَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. اهـ.
وَقَوْلُهُ: أَوْ انْهَدَمَ إلَى قَوْلِهِ: عِنْدَ ابْتِدَاءِ الذَّبْحِ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ وُجُودُ الْحَيَاةِ إلَخْ) فَإِنْ ذُبِحَتْ، وَفِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَلَّتْ، وَإِنْ تُيُقِّنَ مَوْتُهَا بَعْدَ يَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ لَمْ تَحِلَّ. اهـ. نِهَايَةٌ، وَكَذَا فِي الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَإِنْ تُيُقِّنَ هَلَاكُهُ بَعْدَ سَاعَةٍ. اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ: وَإِنْ تُيُقِّنَ مَوْتُهَا بَعْدَ يَوْمٍ إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَإِنْ تُيُقِّنَ مَوْتُهَا بَعْدَ لَحْظَةٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا يُؤَثِّرُ) قَدْ مَرَّ مَا فِيهِ.
(وَكَذَا إدْخَالُ سِكِّينٍ بِأُذُنِ ثَعْلَبٍ) مَثَلًا لِقَطْعِهِمَا دَاخِلَ الْجِلْدِ حِفْظًا لِجِلْدِهِ، فَإِنَّهُ حَرَامٌ لِلتَّعْذِيبِ، ثُمَّ إنْ ابْتَدَأَ قَطْعَهُمَا مَعَ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ حَلَّ، وَإِلَّا فَلَا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: مَثَلًا) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: ابْتِدَاءً، وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلِلْقِبْلَةِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: قِيلَ: يُكْرَهُ إلَى ظَاهِرِ عِبَارَتِهِ، وَقَوْلَهُ: خِلَافًا إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلَهُ: فَإِنْ فُرِضَ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ: فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِقَطْعِهِمَا) أَيْ: الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِيءِ.
(وَيُسَنُّ نَحْرُ إبِلٍ) أَيْ: طَعْنُهَا بِمَا لَهُ حَدٌّ فِي مَنْحَرِهَا، وَهُوَ الْوَهْدَةُ الَّتِي فِي أَسْفَلِ عُنُقِهَا الْمُسَمَّى بِاللَّبَّةِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي سُورَةِ الْكَوْثَرِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ؛ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ لِخُرُوجِ الرُّوحِ لِطُولِ الْعُنُقِ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَتَبِعُوهُ أَنَّ كُلَّ مَا طَالَ عُنُقُهُ كَالْإِوَزِّ كَالْإِبِلِ (وَذَبْحُ بَقَرٍ، وَغَنَمٍ)، وَخَيْلٍ، وَحِمَارِ، وَحْشٍ، وَسَائِرِ الصُّيُودِ لِلِاتِّبَاعِ (وَيَجُوزُ عَكْسُهُ) أَيْ: ذَبْحُ نَحْوِ الْإِبِلِ، وَنَحْرُ نَحْوِ الْبَقَرِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ قِيلَ إنَّ ظَاهِرَ عِبَارَتِهِ أَنَّ إيجَابَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِيءِ، وَنَدْبَ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ مَخْصُوصٌ بِالذَّبْحِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِقَضِيَّةِ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ. اهـ.
وَهُوَ عَجِيبٌ مَعَ قَوْلِهِ: أَوَّلَ الْبَابِ، أَوْ لَبَّةٍ الصَّرِيحِ فِي شُمُولِ الذَّكَاةِ لِلنَّحْرِ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ: هُنَا، وَذَكَاةُ كُلِّ حَيَوَانٍ إلَخْ.
يَشْمَلُهُمَا أَيْضًا فَالْقَوْلُ مَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَتِهِ مَا ذُكِرَ سَهْوٌ (وَ) سُنَّ (أَنْ يَكُونَ الْبَعِيرُ قَائِمًا)، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَبَارِكًا، وَأَنْ يَكُونَ (مَعْقُولَ رُكْبَةٍ)، وَكَوْنَهَا الْيُسْرَى لِلِاتِّبَاعِ (وَ) أَنْ تَكُونَ (الْبَقَرَةُ، وَالشَّاةُ)، وَنَحْوُهُمَا (مُضْجَعَةً لِجَنْبِهَا الْأَيْسَرِ) لِمَا صَحَّ فِي الشَّاةِ، وَقِيسَ بِهَا غَيْرُهَا، وَلِكَوْنِ الْأَيْسَرِ أَسْهَلَ عَلَى الذَّابِحِ، وَيُسَنُّ لِلْأَعْسَرِ إنَابَةُ غَيْرِهِ، وَلَا يُضْجِعُهَا عَلَى يَمِينِهَا (وَتُتْرَكُ رِجْلُهَا الْيُمْنَى) بِلَا شَدٍّ لِتَسْتَرِيحَ بِتَحْرِيكِهَا (وَتُشَدُّ بَاقِي الْقَوَائِمِ) لِئَلَّا تَضْطَرِبَ فَيُخْطِئَ الْمَذْبَحَ قَالَ فِي الْبَسِيطِ: وَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنْ حَرَكَتِهَا مَا أَمْكَنَ حَتَّى لَا تَحْصُلَ إعَانَةٌ عَلَى الذَّبْحِ، فَإِنْ فُرِضَ اضْطِرَابٌ يَسِيرٌ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ عَادَةً عُفِيَ عَنْهُ (وَإِنْ يُحِدَّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ آلَتَهُ (شَفْرَتَهُ)، أَوْ غَيْرَهَا بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَهِيَ السِّكِّينُ الْعَظِيمَةُ، وَكَأَنَّهَا مِنْ شَفَرَ الْمَالُ ذَهَبَ لِإِذْهَابِهَا لِلْحَيَاةِ سَرِيعًا، وَآثَرَهَا؛ لِأَنَّهَا الْوَارِدَةُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ، وَهُوَ «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» فَإِنْ ذَبَحَ بِكَالٍّ أَجْزَأَ إنْ لَمْ يَحْتَجْ الْقَطْعُ لِقُوَّةِ الذَّابِحِ، وَقَطْعُ الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِيءِ قَبْلَ انْتِهَائِهِ لِحَرَكَةِ مَذْبُوحٍ، وَنُدِبَ إمْرَارُ السِّكِّينِ بِقُوَّةٍ، وَتَحَامُلٍ يَسِيرٍ ذَهَابًا، وَإِيَابًا، وَسَقْيُهَا، وَسَوْقُهَا بِرِفْقٍ، وَيُكْرَهُ حَدُّ الْآلَةِ، وَذَبْحُ أُخْرَى قُبَالَتَهَا، وَقَطْعُ شَيْءٍ مِنْهَا، وَتَحْرِيكُهَا، وَسَلْخُهَا، وَكَسْرُ عُنُقِهَا، وَنَقْلُهَا قَبْلَ خُرُوجِ رُوحِهَا (وَ) أَنْ (يُوَجِّهَ لِلْقِبْلَةِ ذَبِيحَتَهُ) لِلِاتِّبَاعِ، وَهُوَ فِي الْهَدْيِ، وَالْأُضْحِيَّةِ آكَدُ أَيْ: مَذْبَحَهَا لَا وَجْهَهَا لِيُمْكِنَهُ هُوَ الِاسْتِقْبَالُ الْمَنْدُوبُ لَهُ أَيْضًا، وَلِكَوْنِ هَذَا عِبَادَةً، وَمِنْ ثَمَّ سُنَّتْ لَهُ التَّسْمِيَةُ فَارَقَ الْبَوْلَ لِلْقِبْلَةِ، وَقَوْلُ الْإِحْيَاءِ يَحْرُمُ بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ ضَعِيفٌ، وَغَايَةُ أَمْرِهِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَالْبَوْلِ فِيهَا عَلَى أَنَّ الدَّمَ أَخَفُّ مِنْهُ (وَأَنْ يَقُولَ) عِنْدَ الذَّبْحِ، وَكَذَا عِنْدَ رَمْيِ الصَّيْدِ، وَلَوْ سَمَكًا، وَجَرَادًا، وَإِرْسَالِ الْجَارِحَةِ، وَنَصْبِ الشَّبَكَةِ، وَعِنْدَ الْإِصَابَةِ (بِسْمِ اللَّهِ) وَالْأَفْضَلُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَلَا يُقَالُ: الْمَقَامُ لَا يُنَاسِبُ الرَّحْمَةَ؛ لِأَنَّ تَحْلِيلَ ذَلِكَ لَنَا غَايَةٌ فِي الرَّحْمَةِ بِنَا، وَمَشْرُوعِيَّةُ ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ رَحْمَةٌ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ سُهُولَةِ خُرُوجِ رُوحِهِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ تَعَمُّدُ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ، وَلَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَبَاحَ ذَبَائِحَ الْكِتَابِيِّينَ، وَهُمْ لَا يُسَمُّونَ غَالِبًا، وَقَدْ أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا شُكَّ أَنَّ ذَابِحَهُ سَمَّى أَمْ لَا بِأَكْلِهِ فَلَوْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ شَرْطًا لَمَا حَلَّ عِنْدَ الشَّكِّ، وَالْمُرَادُ بِمَا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الْآيَةِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّنَمِ بِدَلِيلِ: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ}؛ إذْ الْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَكَلَ ذَبِيحَةَ مُسْلِمٍ لَمْ يُسْمَ عَلَيْهَا لَيْسَ بِفَاسِقٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ جَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ، وَلِغَيْرِهِ وَيُسَنُّ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَنْ يُكَبِّرَ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ ثَلَاثًا، وَبَعْدَهَا كَذَلِكَ، وَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك، وَإِلَيْك فَتَقَبَّلْ مِنِّي، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كُلِّ ذَبْحٍ هُوَ عِبَادَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَ) أَنْ (يُصَلِّيَ)، وَيُسَلِّمَ (عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ يُسَنُّ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى فَكَانَ كَالْأَذَانِ، وَالصَّلَاةِ، وَالْقَوْلُ بِكَرَاهَتِهَا بَعِيدٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ (وَلَا يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ، وَاسْمِ مُحَمَّدٍ) أَيْ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِلتَّشْرِيكِ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُجْعَلَ الذَّبْحُ بِاسْمِهِ فَقَطْ كَمَا فِي الْيَمِينِ بِاسْمِهِ نَعَمْ إنْ أَرَادَ أَذْبَحُ بِاسْمِ اللَّهِ، وَأَتَبَرَّكُ بِاسْمِ مُحَمَّدٍ كُرِهَ فَقَطْ كَمَا صَوَّبَهُ الرَّافِعِيُّ، وَلَوْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِالرَّفْعِ فَلَا بَأْسَ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ تَقْيِيدَهُ بِالْعَارِفِ، وَإِلَّا فَهُمَا سِيَّانِ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ تَقَرُّبًا لِلَّهِ تَعَالَى لِدَفْعِ شَرِّ الْجِنِّ عَنْهُ لَمْ يَحْرُمْ، أَوْ بِقَصْدِهِمْ حَرُمَ وَكَذَا يُقَالُ: فِي الذَّبْحِ لِلْكَعْبَةِ، أَوْ قُدُومِ السُّلْطَانِ، وَلَوْ ذَبَحَ مَأْكُولًا لِغَيْرِ أَكْلِهِ لَمْ يَحْرُمْ، وَإِنْ أَثِمَ بِذَلِكَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَقَطْعُ الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِيءِ قَبْلَ انْتِهَائِهِ لِحَرَكَةِ مَذْبُوحٍ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي وُجُودُ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ قَطْعِهِمَا فَقَطْ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ ذَبَحَ بِكَالٍّ فَقَطَعَ بَعْضَ الْوَاجِبِ، ثُمَّ أَتَمَّهُ آخَرُ فَوْرًا أَنَّهُ يَحِلُّ، وَإِنْ فُقِدَتْ الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ عِنْدَ شُرُوعِ ذَلِكَ الْأَخِيرِ فَقَدْ اُكْتُفِيَ فِي ذَلِكَ بِوُجُودِهَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ قَطْعِهِمَا فَقَطْ مَعَ الْقَطْعِ فِيهِمَا بِكَالٍّ، وَزَوَالُهَا فِيهِمَا زَمَانَ الْقَطْعِ بِذَلِكَ لِكَالٍّ، وَكَوْنُ الْإِتْمَامِ ثَمَّ بِفِعْلٍ آخَرَ إنْ لَمْ يُوجِبْ ضَعْفًا مَا أَوْجَبَ قُوَّةً إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّتْمِيمَ بِغَيْرِ كَالٍّ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْكَالِّ، وَغَيْرِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ لَا يَنْقَدِحُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا مَرَّ بِأَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ: وَقَطْعُ الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِيءِ مَعْنَى شَرَعَ فِي قَطْعِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
فَإِنَّ قِيَاسَ مَا هُنَا تَضْعِيفُ مَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ، وَاسْمِ مُحَمَّدٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الذَّابِحُ أَيْ: وَالصَّائِدُ كَمَا فِي أَصْلِهِ: بِاسْمِ مُحَمَّدٍ، وَلَا بِسْمِ اللَّهِ، وَاسْمِ مُحَمَّدٍ أَيْ: وَلَا بِسْمِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ بِالْجَرِّ كَمَا فِي أَصْلِهِ لِلتَّشْرِيكِ فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْرُمَ كَقَوْلِهِ: بِسْمِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِرَفْعِ مُحَمَّدٍ، وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ كِتَابِيٍّ لِلْمَسِيحِ، وَمُسْلِمٍ لِمُحَمَّدٍ، أَوْ لِلْكَعْبَةِ فَإِنْ ذَبَحَ لِلْكَعْبَةِ، أَوْ لِلرُّسُلِ تَعْظِيمًا لِكَوْنِهَا بَيْتَ اللَّهِ، أَوْ لِكَوْنِهِمْ رُسُلَ اللَّهِ جَازَ. اهـ.
وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ تَسْمِيَةَ مُحَمَّدٍ عَلَى الذَّبْحِ عَلَى الِانْفِرَادِ، أَوْ عَطْفَهُ عَلَى اسْمٍ مُحَرَّمٌ إنْ أُطْلِقَ، وَلَا مُحَرَّمَ إنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ، وَتَحِلُّ الذَّبِيحَةُ فِي الْحَالَيْنِ، وَأَمَّا إذَا قَصَدَ الذَّبْحَ فَإِنْ أَطْلَقَ حَرُمَ، وَحَرُمَتْ الذَّبِيحَةُ، وَإِنْ قَصَدَ التَّعْظِيمَ، وَالْعِبَادَةَ كَفَرَ، وَحَرُمَتْ الذَّبِيحَةُ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: يَحْرُمُ ذَلِكَ) أَيْ: وَالْحَرَامُ هَذَا الْقَوْلُ، وَإِلَّا فَيَحِلُّ أَكْلُ الذَّبِيحَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: لِلتَّشْرِيكِ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِإِيهَامِهِ التَّشْرِيكَ، وَهِيَ أَحْسَنُ، وَيُسْتَشْكَلُ التَّحْرِيمُ هُنَا، وَالْكَرَاهَةُ فِي مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا، أَوْ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْإِيهَامَ هُنَا أَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ، وَقَعَ كَثِيرًا التَّبَرُّكُ بِأَسْمَائِهِمْ، وَعِبَادَتُهُمْ بِخِلَافِ النَّوْءِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ التَّشْرِيكَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ فِي التَّبَرُّكِ يَذْكُرُ اسْمُهُ لَمْ يَحْرُمْ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي مِنْ تَصْوِيبِ الرَّافِعِيِّ، وَإِنْ كَانَ فِي الذَّبْحِ لَهُ حَرُمَ، وَحَرُمَ الْمَذْبُوحُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضِ، وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ كِتَابِيٍّ لِلْمَسِيحِ، وَلَا مُسْلِمٍ لِمُحَمَّدٍ، أَوْ لِلْكَعْبَةِ أَيْ: مَثَلًا قَالَ فِي شَرْحِهِ: إنْ ذَبَحَ لِذَلِكَ تَعْظِيمًا، وَعِبَادَةً كَفَرَ. اهـ.
وَبِهِ يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ إطْلَاقِ الذَّبْحِ لِمَا ذُكِرَ، وَأَنْ يُقْصَدَ مَعَهُ التَّعْظِيمُ، وَالْعِبَادَةُ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: طَعْنُهَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَيُسَنُّ نَحْرُ إبِلٍ، وَنَحْوِهِ مِمَّا طَالَ عُنُقُهُ، وَهُوَ قَطْعُ اللَّبَّةِ أَسْفَلَ الْعُنُقِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ إلَخْ وَلَابُدَّ فِي النَّحْرِ مِنْ قَطْعِ كُلِّ الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِيءِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَجْمُوعُ. اهـ.
وَقَوْلُهُ: وَهُوَ قَطْعُ اللَّبَّةِ إلَخْ شَامِلٌ كَمَا تَرَى لِقَطْعِهَا عُرْضًا بِدُونِ الطَّعْنِ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ بِلَا عَذْوٍ كَمَا مَرَّ، وَالْمُغْنِي مَعَ الْعَزْوِ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: كَالْإِوَزِّ)، وَالنَّعَامِ، وَالْبَطِّ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَخَيْلٍ) إلَى قَوْلِهِ: وَقِيلَ: فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ) لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. اهـ. نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: قِيلَ إلَخْ)، وَافَقَهُ الْمُغْنِي كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: مَخْصُوصٌ) أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ يَجْرِيَانِ فِي النَّحْرِ أَيْضًا كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَجْمُوعُ، وَحَكَاهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْحَاوِي، وَالنِّهَايَةِ، وَغَيْرِهِمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ.
(قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلِهِ:) أَيْ: الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ: إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: يَشْمَلُهُمَا إلَخْ أَيْ: الذَّبْحَ، وَالنَّحْرَ، وَلَوْ قَالَ: فَإِنَّهُ يَشْمَلُهُمَا إلَخْ بِعَطْفِ وَقَوْلُهُ: هُنَا إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ: أَوَّلَ إلَخْ كَانَ أَسْبَكَ.